كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ورأى يوسف في المنام، أن أحد عشر كوكبًا، والشمس، والقمر ساجدين له: {إِذْ قَالُواْ} عند ذلك: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ} بنيامين،: {أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} يعني: جماعة عشرة، فهو يؤثرهما علينا، في المنزلة والحب،: {إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضلال مُّبِينٍ} يعني: في خطأ بَيِّنٍ في حب يوسف وأخيه، حيث قدم الصغيرين في المحبة علينا، ونحن جماعة، ونفعنا أكثر من نفعهما.
وقال مقاتل: كان فضل حُسْنِ يوسف على الناس في زمانه، كفضل القَمَرِ ليلة البدر على سائر الكواكب.
وقال القتبي: العصبة: ما بين العشرة إلى الأربعين.
ثم قال بعضهم لبعض: {اقتلوا يُوسُفَ أَوِ اطرحوه أَرْضًا} بعيدًا من أبيكم: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} يقول: ليقبل لكم أبوكم بوجهه، ويصف لكم وجهه.
ويقال: يصلح حالكم عند أبيكم، وتكونوا من بعدِهِ قومًا صالحين.
يعني: تصلح أحوالكم عند أبيكم، بعد ذهاب يوسف.
ويقال: وتكونوا من بعد هلاكه قومًا تائبين إلى الله تعالى.
وقال بعض العلماء: هكذا يكون المؤمن يهيئ التوبة قبل المعصية.
قوله تعالى: {قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ} يعني: من إخوة يوسف: {لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ} فإن قتله عظيم.
وقال الكلبي: كان صاحب هذا القول: يهوذا، لم يكن أكبرهم، ولكن كان أعقلهم.
وقال قتادة، والضحاك: صاحب هذا القول: روبيل، وكان أكبر القوم سنًا.
{وَأَلْقُوهُ في غَيَابَةِ الجب} يعني اطرحوه في أسفل الجب.
وقال الزجاج: الغيابة كل ما غاب عنك أو غيب شيئًا عنك.
قرأ نافع: {غيابات} بلفظ الجماعة، وقرأ الباقون {غَيَابَة} لأن المعنى على موضع واحد.
وروي عن أبي بن كعب، أنه كان يقرأ: {غَيَابَةِ الجب}.
وقال الزجاج: الجُبُّ: البئر.
التي ليست بمطوية سميت جُبًّا، لأنها قطعت قطعًا، ولم يحدث فيها غير القطع.
ثم قال: {يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السيارة} يعني: يأخذه بعض من يمر عليه من المسافرين: {إِن كُنتُمْ فاعلين} يعني: إن كنتم لابد فاعلين من الشر الذي تريدون.
وروي عن الحسن، ومجاهد، أنهما قرآ: {تلتقطه} بالتاء، ومعناه: تلتقطه السيارة، وينصرف إلى المعنى.
فلما قال لهم ذلك يهوذا أو روبيل، أطاعوه في ذلك، وجاؤوا إلى أبيهم و: {قَالُواْ يأَبَانَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا على يُوسُفَ} أن ترسله معنا،: {وَإِنَّا لَهُ لناصحون} يعني: لحافظون.
ويقال: محبون مشفقون.
قرأ أبو جعفر القارئ المدني: {لاَ تَأْمَنَّا} بجزم النون، وقرأ الباقون بإشمام النون إلى الرفع، لأن أصلها تأمننا، فأدغمت إحداهما في الأخرى، وأقيم التشديد مقامه، وبقي رفعه.
ثم قال: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} يعني: أخوة يوسف قالوا لأبيهم: أرسل يوسف معنا إلى الغنم: {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} قال مجاهد: يحفظ بعضنا بعضًا، ونتحارس.
وقال قتادة: نشط، ونسعى، ونلهو.
وقال القتبي: من قرأ بتسكين العين، أي نأكل يقال: رتعت الإبل إذا رعت، ومن قرأ بكسر العين، أراد به نتحارس، ويرعى بعضنا بعضًا، أي: يحفظ.
قرأ ابن كثير: {نَرْتَعِ} بالنون وكسر العين،: {نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} بالنون.
وقرأ نافع: {يَرْتَعْ} بالياء وكسر العين، وقرأ حمزة، والكسائي، وعاصم: {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} بالياء وجزم العين، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر: {نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} بالنون وجزم العين.
واتفقوا في جزم الباء.
قال أبو عبيدة، قلت لأبي عمرو: كيف يقولون نلعب وهم أنبياء؟ قال: لم يكونوا يومئذٍ أنبياء.
قال أبو الليث رحمه الله: لم يريدوا به اللعب الذي هو منهيّ عنه، وإنما أرادوا به المطايبة في خروجهم، وفيه دليل أن القوم إذا خرجوا من المصر، فلا بأس بالمطايبة والمزاح، في غير مأثم.
ويقال: {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} يعني: يجيء ويذهب، حتى يتشجع ويترجل.
ويقال: حتى نجمع النفع والسرور.
{وَإِنَّا لَهُ لحافظون} لا يصيبه أذًى ولا مكروه، وإنا مشفقون عليه: {قَالَ} لهم يعقوب: {إِنّى لَيَحْزُنُنِى أَن تَذْهَبُواْ بِهِ} يعني: إنَّ ذهابكم به ليحزنني.
قرأ نافع: {لَيَحْزُنُنِى} بضم الياء وكسر الزاي، وقرأ الباقون بنصب الياء، وضم الزاي.
ومعناهما واحد.
ثم قال: {وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذئب} يعني: أخاف أن تضيعوه فيأكله الذئب،: {وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافلون} يعني: مشغولين في أمركم.
قرأ أبو عمرو، والكسائي، ونافع، في رواية ورش: {الذِّيبُ} بغير همز.
وقرأ الباقون بالهمز، وهما لغتان.
وروي عن بعض الصحابة، أنه قال: لا ينبغي أن يلقن الخصم بحجة، لأن إخوة يوسف كانوا لا يعلمون أن الذئب يأكل الناس، إلى أن قال ذلك يعقوب، وإنما قال ذلك يعقوب، لأنه رأى في المنام أن ذئبًا كان يعدو على يوسف فأنجاه بنفسه.
{قَالُواْ} يعني: إخوة يوسف: {لَئِنْ أَكَلَهُ الذئب وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} يعني: جماعة عشرة: {إِنَّا إِذَا لخاسرون} يعني: لعاجزين.
فلما قالوا ذلك رضي بخروجه، فبعثه معهم، وأوصاهم عند خروجه، أن يحسنوا إليه، ويتعاهدوا أمره، ويردوه إذا طلب الرجوع.
فقبلوا ذلك منه.
ويقال: إنه أبى أن يرسله معهم، حتى أتوا يوسف، فقالوا له: اطلب من أبيك ليبعثك معنا، وطلب يوسف ذلك من أبيه، فبعثه معهم.
{فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ} يعني: فلما برزوا به إلى البَريَّة: {وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ في غَيَابَةِ الجب} يقول: واتفقوا أن يلقوه في أسفل الجب، ثم أظهروا له العداوة فجعل أحدهم يضربه فيستغيث، فيضربه الآخر، فجعل لا يرى منهم رحيمًا، فضربوه حتى كادوا يقتلونه.
فقال يهوذا: أليس قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه؟ فانطلقوا به إلى الجب، وهي بئر على رأس فرسخين من كنعان، ويقال: أربع فراسخ، فجعلوا يدلونه في البئر، فيتعلق بشفة البئر، فربطوا يديه ونزعوا قميصه.
فقال: يا إخوتاه، ردوا عليّ قميصي أتوارى به في الجب، فقالوا: ادع الأحد عشر كوكبًا، والشمس، والقمر يؤنسوك فدلوه في البئر، حتى إذا بلغ نصفها ألقوه، وأرادوا أن يموت، وكان في البئر ماء فسقط فيه، ثم أوى إلى صخرة في البئر، وقام عليها وجعل يبكي.
فجاءه جبريل يؤنسه ويطعمه.
قال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبّئَنَّهُمْ} يعني: لتخبرهم: {بِأَمْرِهِمْ هذا} يعني: بصنيعهم هذا بمصر: {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} يعني: لا يعرفونك بمصر.
ويقال: معناه وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا، وهم لا يشعرون، أن الله تعالى أوحى إليه، وهم لا يعرفون.
ويقال: لما أرادوا أن يلقوه في البئر، تعلق بإخوته، فقال له جبريل: لا تتعلق بهم فإنك تنجو من البئر.
فألقوه حتى وقع في قعرها، فارتفع حجر حتى قام عليه، ثم إنهم أخذوا جديًا من الغنم فذبحوه، ثم لطخوا القميص بدمه.
{وَجَاءوا أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ} يعني: أقبلوا إلى أبيهم عشاء يبكون، فلما سمع أصواتهم يعقوب، فزع وقال: يا بني ما لكم: {قَالُواْ يأَبَانَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} يعني: ويقال: نتصيَّد ننتضل، أي يسابق بعضنا البعض في الرمي،: {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ متاعنا فَأَكَلَهُ الذئب} فلما قالوا هذا القول: بكى يعقوب، وصاح بأعلى صوته: ثم قال: أين قميصه؟ فأخذ القميص وبكى، ثم قال إن هذا الذئب كان بابني رحيمًا، كيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه؟ وروى سماك، عن عامر، أنه قال: في قميص يوسف ثلاث آيات، حين قُدَّ قميصه من دبر، وحين ألقي على وجه أبيه، فارتد بصيرًا، وحين جاؤوا على قميصه بدم كذب، على أن الذئب لو أكله لخرق قميصه.
فقال لهم كذبتم، فقالوا له: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا} يعني: بمصدق لنا في مقالتنا: {وَلَوْ كُنَّا صادقين} في مقالتنا: {وَجَاءوا على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} يعني: بدم السخلة ولم يكن دم يوسف.
ويقال: بدم كذب أي مكذوب به.
وقرأ بعضهم: {بِدَمٍ} بالدال، يعني: بدم طري.
فأروه القميص بالدم ليعرف به، وهي قراءة شاذة، وقراءة العامة بالذال: {كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا} يقول: زينت واشتهت لكم أنفسكم أمرًا، فضيعتموه: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} يعني: على صبر جميل، بلا جزع.
ويقال: معناه لا حيلة لي إلا الصبر.
ويقال: فصبري صبر جميل.
وروي عن بعض الصحابة، أنه كان يقرأ: {سَرَاحًا جَمِيلًا}، يعني: أصبر صبرًا جميلًا.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} قال: «صبر لا شكوى فيه، ومن بث فلم يصبر».
ثم قال: {والله المستعان على مَا تَصِفُونَ} يقول: أستعين بالله، وأطلب العون من الله، على ما تقولون، وتكذبون من أمر يوسف.
قوله تعالى: {وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ} أي: قافلة يمرون من قبل مدين إلى مصر، فنزلوا بقرب البئر،: {فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ} أي: طالب مائهم، ويقال: أرسل كل قوم ساقيهم ليستقي لهم الماء، فجاء مالك بن ذعر إلى الجب، الذي فيه يوسف،: {فأدلى دَلْوَهُ} يقول أرخى، وأرسل دلوه في البئر، فتعلق يوسف بالدلو، فنظر مالك بن ذعر، فإذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان.
{قَالَ يَاءادَمُ بُشْرىً هذا غُلاَمٌ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: {يَا بُشْرَايَ} بالألف والياء، ونصب الياء، وقرأ عاصم: {الرياح بُشْرىً} بنصب الراء وسكون الياء، وقرأ نافع، في رواية ورش: بالألف والياء مع السكون: {يَا بُشْرَايْ}، وكذلك يقرأ في: {رَبّى أَحْسَنَ مَثْوَاىَّ} و: {مَحْيَايَ} و: {هِىَ عَصَاىَ}، بسكون بالياء.
وقرأ حمزة، والكسائي: {يَا بُشْرِي} بغير ألف، وسكون الياء، وكسر الراء.
فمن قرأ: {يا بشرَايَ}، يكون بمعنى الإضافة إلى نفسه، ومن قرأ: {الرياح بُشْرىً} يكون على معنى تنبيه المخاطبين، كقوله يا عجبَا، وإنما أراد به: اعجبوا، ومن قرأ: {الرياح بُشْرىً}، كأنه اسم رجل دعاه باسمه بشرى، وقال أبو عبيدة: هذه القراءة تقرأ، لأنها تجمع المعنيين، إن أراد به الاسم، أو أراد به البشرى بعينها.
وقال السدي: تعلق يوسف بالحبل، فخرج فلما رآه صاحب الدلو، نادى رجلًا من أصحابه، يقال له البشرى، وقال: يا بشراي، هذا غلام.
وقال قتادة وغيره: إنه بشر واردهم حين وجد يوسف.
ثم قال: {وَأَسَرُّوهُ بضاعة} يعني: التُّجار بعضهم من بعض، وقال بعضهم لبعض: اكتموه من أصحابكم لكيلا يسألوكم فيه شركة، فإن قالوا لكم ما هذا الغلام؟ قولوا: استبضعنا بعض أهل الماء، لنبيعه لهم بمصر، فذلك قوله: {وَأَسَرُّوهُ بضاعة} يعني: أسروه، وأعلنوه بضاعة، فرجع إخوته بعد ثلاثة أيام، فرأوا يوسف في أيديهم، فقالوا: هذا غلام أبق منا منذ ثلاثة أيام، فقيل لهم: ما بال هذا الغلام لا يشبه العبيد، وإنما هو يشبهكم؟ فقالوا: إنما وُلِدَ في حجرنا وإنه ابن وليدة أمنا، أمرتنا ببيعه.
وقالوا ليوسف بلسانهم: لئن أنكرت أنك عبد لنا، أخذناك ونقتلك.
أترى أنا نرجع بك إلى يعقوب أبدًا، وقد أخبرناه أن الذئب قد أكلك.
فقال: يا إخوتاه ارجعوا بي إلى أبي، ضامن لكم رضاه، وأنا لا أذكر لكم هذا أبدًا.
فأبوا عليه فذلك قوله تعالى: {والله عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} يعني: بما يصنع به إخوته.
قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ} بثمن، يعني: باعوه: {بِثَمَنٍ بَخْسٍ} يعني: ظلمًا وحرامًا لم يحل بيعه.
ويقال: بدراهم رديئة ويقال: البخس: الخسيس: {دراهم مَعْدُودَةٍ} أي: يسير عددها.
وقال مجاهد: البخس القليل، والمعدودة: عشرين درهمًا، وقال: كان في ذلك الزمان، ما كان فوق الأوقية، وزنوه وزنًا وما كان دون الأوقية عدّوه عدًا.
وقال بعضهم: باعوه بعشرة دراهم لأن اسم الدرهم يقع على ما بين الثلاثة إلى العشرة، فأصاب كل واحد منهم درهمًا.
وروي عن الضحاك، أنه قال: باعوه باثني عشر درهمًا، وقال ابن مسعود بيع بعشرين درهمًا، وقال عكرمة: البخس: أربعون درهمًا، وقال بعضهم: لم يبعه إخوته ولكن الذين وردوا الماء، وجدوه في البئر، وأخرجوه من البئر، فباعوه بثمن بخس، دراهم معدودة، وهو قول المعتزلة، لأن مذهبهم أن الأنبياء معصومون عن الكبيرة قبل النبوة، لأن الكبيرة عندهم تخرج المؤمن عن الإيمان، وعند أهل السنة، الكبيرة لا تخرج المؤمن عن الإيمان.
وجاز جريان المعصية قبل النبوة وقال عامة المفسرين: إن إخوته باعوه وروي عن ابن عباس: أن إخوته باعوه بعشرين درهمًا، وكتب يهوذا شراءه على رجل منهم.
ثم قال: {وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزهدين} يعني: الذين اشتروه لم يعلموا بحاله وقصته.
ويقال: يعني: إخوة يوسف، في ثمنه لم يكونوا محتاجين إليه.
ثم إن مالك بن ذعر، لما أدخله مصر باعه.
قال مقاتل: باعه بعشرين دينارًا، ونعلين، وحلة.
وقال الكلبي: بعشرين درهمًا، ونعلين، وحلة.
وقال بعضهم: باعه بوزنه فضة.
وقال بعضهم: باعه بوزنه ذهبًا.
وقال وهب بن منبه: باعه مالك بن ذعر، بعدما عرضه في بيع من يزيد، ثلاثة أيام، فزاد الناس بعضهم على بعض، حتى بلغ ثمنه بحيث لا يقدر أحد عليه، فاشتراه عزيز مصر، وكان خازن الملك وصاحب جنوده لامرأته زليخا، بوزنه مرة مسكًا، ومرة لؤلؤًا، ومرة ذهبًا، ومرة فضة، ومرة حللًا، وسلم إليه كلها.
قوله تعالى: {وَقَالَ الذي اشتراه مِن مّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ} قال ابن عباس: كان اسمه قطيفر، وهو العزيز، قال لامرأته، واسمها: زليخا: {أَكْرِمِى مَثْوَاهُ} يعني: منزله وولايته: {عسى أَن يَنفَعَنَا} في ضياعنا وغلاتنا، على وجه التبرك به: {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} يقول: نتبناه فيكون ابنًا لنا.
وروى ابن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز، حين قال لامرأته: {أَكْرِمِى مَثْوَاهُ عسى أَن يَنفَعَنَا} وبنت شعيب التي قالت: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يا أبت استأجره إِنَّ خَيْرَ مَنِ استأجرت القوى الأمين} [القصص: 26] وأبو بكر، حين تفرَّس في عمر وولاه من بعده.